استضافت جمعية إزرفان المؤتمر التأسيسي لمنظمة "المؤتمر الدولي للشباب الامازيغي"، بعد زهاء السنة من تأجيله، حيث انعقد أيام 23، 24 و 25 يوليوز 2010 بمركب جمال الدرة بأكادير. شهد هذا المؤتمر تجاوبا من قبل الشباب الامازيغي، بإرسال مئات طلبات المشاركة في المؤتمر، رغم أجواء الغموض التي صاحبت تنظيمه: لجنة تحضيرية محدودة العدد و مغلوقة حيث تم الإعلان فقط عن اسم شخصين و لم يفتح الباب لالتحاقات جديدة، ثم تحضير مادي و أدبي للمؤتمر في صمت تام. هذه "السرية" التي لا يمكن أن تكون عامل بناء تنظيمات أمازيغية جماهيرية، تنفع فقط في إعادة إنتاج تنظيمات نخبوية فوقية تنصب نفسها محل المعنيين المباشرين أي قاعدة الحركة الامازيغية الشبيبية. إن البناء السليم لمنظمة شبيبية أمازيغية يقتضي فتح الباب للقاعدة الواسعة من الشباب الامازيغي، للمشاركة في التحضير والتسيير والتقرير بعيدا عن الوصاية لتشكيل مؤتمر دولي للشباب الامازيغي جذاب على المقاس المطلوب. أكملت اللجنة المنظمة تحضيرها "السري" هذا، برفض حضور أغلبية الشباب الذين تقدموا بطلبات المشاركة، بل وطردت جزءا من المؤتمرين إلى حد الالتجاء إلى ضرب بعضهم، ونحن من ضمنهم بمبرر أنهم "غير مرغوب فيهم"، رغم منحهم صفة مؤتمرين وتوصلهم بأوراق المؤتمر وبطائق الحضور، وتفاجئوا بعد ذلك بطردهم. إن ما طرحناه من نقاش خلال مشراكتنا في المؤتمر نابع من غيرتنا النضالية وحرصنا على نضالية الحركة وابتعادنا عن كل عصبوية تجعل أي طرف آخر يقاطع هذه المبادرة بمبررات عصبوية، وبعيدا عن ما تم توارثه في أدبيات الحركة من مجاملة، كنا نتطلع إلى مناقشة مطبات حركتنا الامازيغية و الرهانات الفاشلة على الإدماج التدريجي والسلس للأمازيغية في دواليب الدولة. لهذه الغاية نساهم برأينا، دون مجاملة ولا تحامل، مبرزين في البدء ظروف انعقاد هذا المؤتمر، ثم متناولين توجهه من زاوية مدى الاستجابة لمستلزمات النضال الامازيغي، ثم سنعرض المنظور الذي من دونه سيبقى حال حركتنا الامازيغية دون المستوى المطلوب لتحقيق مطالبها. 1- كيف ظهر المؤتمر الدولي للشباب الامازيغي ؟ منذ متم سنة 2001، عاشت الحركة الامازيغية حالة تشتت تنظيمي وتيهان سياسي، فالجيل المسمى "مؤسسا" ساير المعهد الملكي والقسم المتبقي والرافض للدخول للمعهد استنكف عن خوض المعركة الحقيقية وانتهج تكتيكات مغلوطة. هذا الفراغ الحاصل داخل تنظيمات الحركة مقارنة مع بداية التسعينات، كان إحدى دوافع طرح جملة اقتراحات ومبادرات من بينها تأسيس أحزاب – الحزب الديمقراطي الامازيغي- وطرح مطالب جديدة بعد المناداة بتقادم المطالب المدرجة في ميثاق 91 حيث تبنت بعض إطارات الحركة الامازيغية في لقاء بصفرو في ماي 2010 أرضية الخيار الامازيغي لبودهان، ثم طرح مطلب الحكم الذاتي للريف وسوس الكبير.. هذا الفراغ مضافا إليه الخلاف الذي برز داخل الكونغرس العالمي الامازيغي قبيل انعقاد دورته الخامسة حول مكان انعقاده، الذي كان نتيجة حتمية لتناقضات صاحبت تأسيسه منذ سبتمبر 1995. هذه التناقضات التي كان مردها إلى تخبط CMA في أزمة على تنظيمية وفكرية وعملية وكذلك إلى ما يشوب هذه المنظمة من أمراض الزعامة لدى قيادتها. إنتهى الخلاف في النهاية إلى انعقاد مؤتمرين الأول بمكناس والثاني بتيزي وزو بالجزائر. ومنذ ذلك الحين صارت بعض الأوساط داخل الحركة الامازيغية تطرح فكرة منظمة عالمية بديلة تعوض انبطاح CMA. في سياق التيهان هذا، روجت فكرة مؤتمر دولي للشباب الامازيغي كرقم جديد ليس إلا، إذ لم تتناول أوراق المؤتمر لا أزمة تنظيمات الحركة، ولا إفلاس استراتيجية قياداتها، ولا طرح برنامج نضال حقيقي. كان المؤتمر مجرد لقاء تعارفي بين الحاضرين خصوصا الذين جاؤوا من بلدان أخرى مثل الجزائر والطوارق وليبيا وجزر الكناري. 2 - مؤتمر جديد ذو توجه قديم : سيذهب سدى جهد كل من كلف نفسه عناء البحث عن جديد في أوراق المؤتمر، إذ ليس لدى "المؤتمر الدولي للشباب الامازيغي" أي تميز على مستوى الأفكار والبرنامج، ولا أي اهتمام بتقييم 19 سنة من عمر الحركة الامازيغية، ولا هم ما حل بتنظيماتها. كانت حالة التميز الوحيدة التي عبرت عنها قيادة المؤتمر جهرا أمام الملأ هي حالات الطرد والمناوشات مع غير المرغوب فيهم. عكس هذا التميز انجرار قيادة المؤتمر إلى الانفراد بالزعامة، التي لم تكن من أهدافنا يوما، ولابأس أن نبدي رفضنا لمثل هذه الممارسات، إذ ليست ولا يمكن أن تكون طريقا إلى تحقيق مطالبنا، ونعتبر أن المطلوب حاليا داخل تنظيمات حركتنا الامازيغية هي الديمقراطية في البداية والنهاية، تسييرا وتقريرا وحق التعبير جهرا عن التوجهات. "سيكون المؤتمر الدولي للشباب الامازيغي المحاور الأساسي والرئيسي باسم الامازيغين على المستوى العالمي، كما أنه سيتولى مهمة اقتراح والضغط على أنظمة دول تمازغا للعمل على إعطاء الامازيغية مكانتها الحقيقية والتاريخية". (مقتطف من أوراق المؤتمر- ورقة غير معنونة- ) إنها نفس استراتيجية الكونغرس العالمي الامازيغي، توجه الترافع لدى الهيئات الدولية و توجيه رسائل مفتوحة للاستجداء وذرف الدموع إلى حكام دول شمال إفريقيا الديكتاتوريين وسادتهم : ساركوزي وباراك أوباما، و اللقاءات مع حكومات وبرلمانات الدول الأوربية التي تضطهد المهاجرين وأقلياتها القومية والمعروفة بماضيها الاستعماري والمصرة على الإبقاء على روابطها الاستعمارية مع دول شمال إفريقيا (تواجد عسكري بأفريقيا جنوب الصحراء،اتفاقيات الشراكة والتبادل الحر..). إنها دبلوماسية تنظيمينا العالميين، كان بالأحرى على هذه الدبلوماسية الشعبية أن تنفتح على الإطارات المناضلة بأوربا ضد هذه الحكومات بالذات والمتضامة مع مآسي شعوبنا. هكذا وعوض كونغرس الشيوخ أسس كونغرس الشباب، اختلفت المسميات والجوهر واحد، تنظيمان لا رؤية لهما. أو بالأحرى رؤيتهما فوقية تقتصر في التعامل بالبيانات والزيارات التضامنية، وفي أحسن الأحوال إرسال الاستجداءات إلى الحكومات المعنية أو القوى العظمى. حيث غياب الدور الحقيقي التوجيهي للنضالات وتواجدهما الميداني. باختصار، كان التطفل على عبارات "التغيير" و"النضال" الذي دبجت بها أوراق المؤتمر فقط لتزيين خطاب منظميه، ولم تكن أبدا تعبيرا عن وجهة نظر مغايرة لما هو سائد لدى حركتنا الامازيغية، بل مجرد تصريف لنزوعات فردية تراعي طبيعتهم : أبناء جدد يبحثون عن الواجهة لتعويض انبطاح الآباء، ومن شابه أباه فما ظلم. "آن الأوان للأمازيغ، وبخاصة الشباب الامازيغي أن يقول كلمته للتاريخ" ( مقتطف من أوراق المؤتمر- ورقة غير معنونة- ) ونحن نقول أنه آن الأوان لشبيبة الحركة الأمازيغية أن تفعل فعلها وليس قولها فالعبرة بالأفعال وليس بالأقوال يا قادة "المؤتمر الدولي للشباب الامازيغي". كان انعقاد المؤتمر في ظل الأزمة التي تتخبط فيها تنظيمات الحركة الامازيغية، والفراغ المخيم فرصة لإطلاق نقاش حقيقي في قاعدة الحركة الامازيغة الشابة حول أسباب الأزمة : تكتيك النظام المستبد من جهة وأخطار مسايرة تنظيمات الحركة الامازيغية لهذا التكتيك من جهة ثانية، و فرصة للتعريف بأسس الديمقراطية للقاعدة الشابة. بدل هذا كله أبان منظموا المؤتمر عن قصور خطير في استيعاب متطلبات الوضع الراهن للحركة الامازيغية، هذا ما جعلهم يظهرون في صورة جماعة لا هم لها سوى مقاعد الواجهة وأمراض الزعامة. هذا ما جعل محاولتنا فتح النقاش كصيحة في صحراء قاحلة. لم تكن تصرفات منظمي المؤتمر غير إحدى تجليات افتقارهم إلى منظور نضال كفاحي، منظور يقدم إجابات على أزمة الحركة الامازيغية، من مطالب وأشكال النضال، توجه يصارع به النظام المستبد والنخبة التي حصل لها شرف التربع على كراسي المعهد، لفتح طريق ارتقاء تنظيمات الحركة الامازيغية إلى مستوى توجه أمازيغي كفاحي . إن انعقاد هذا المؤتمر بهذا الشكل كان أصدق تعبير عن النكبة التي تعيشها حركتنا الامازيغية. لكن، مع هذا الوجه المقلق، بنظر كل مخلص للقضية الامازيغية، تبقى مقومات تطويرها كثيرة ومتنوعة، بداية برصيد الدروس الماضية والراهنة في القبايل والطوارق، و ما تكشف عنه الردود النضالية المنبثقة في المناطق المهمشة من قوة كامنة رغم عناصر الإضعاف الآنفة.
المطرودون الأربعة من المؤتمر |
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire